الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

إياد فؤاد عبدالحي - على الحائط،،!!!

إياد فؤاد عبدالحي - على الحائط،،!!!

@ دخلتُ لمقهى في جزيرة البندقية بإيطاليا،، وطلبت كوباً من القهوة وقطعة كعكٍ تنقلت بينهما ما بين مرتشف وقاضمٍ متأملاً في الهدوء الذي عج به المكان فلا يقطعه إلا قرع الجرس المعلق على الباب وهو يُعلن عن دخول أحدهم أو خروج إحداهن،،!!

@ ومع وصولي لنصف جعبة كوب قهوتي،، دلف أحدهم للمكان وسحب مقعداً بجوار طاولتي فسارعه النادل بعد هنيهة من جلوسه فقال له الزبون: لو سمحت،، أحضر لي كوباً من القهوة،، وكوباً آخر على الحائط،،!!!

@ اندهشت من طلبه،، وتساءلت بيني وبين نفسي عن قصده ب (كوب قهوة على الحائط)،،؟؟ ولم أجد غير الانتظار والترقب للمشهد حلاً لي،،!!

@ بعد لحظات جاء النادل وفي يده كوب قهوة واحد فقط،، قدمه لجاري،، ثم أخرج ورقة صغيرة وكتب عليها (كوب قهوة) وتحرك نحو الحائط وألصقها عليه وانصرف تاركاً على رأسي صف من علامات الاستفهام والتعجب من فينسيا إلى المسفلة تحديداً،،!!

@ بعدها بدقائق معدودة دخل ثلاثة وكرروا ذات المشهد بأن طلبوا ثلاثة أكواب قهوة وزادوا عليها بكوبين على الحائط،،!! فلم يكن من النادل إلا أن أحضر لهم الثلاثة أكواب،، ومن ثم ألصق ورقتين على ذات الحائط بعد أن كتب على كل واحدة عبارة (كوب قهوة)،،!!

@ أحسست وقتها برغبة عارمة في الصراخ بكل أسئلة الاستفسار،،؟؟ إلا أني تذكرت أني في قارة (كل مين في حاله) ولست في بلد تتساوى فيه عبارتي (السلام عليكم) و (إيش الهرجة) في طرحها على الآخر،،!!

@ حسناً،، وما هي إلا دقائق حتى دخل زبون آخر رث الملبس إلى حدٍ ما،، فجلس بالجوار فأتاه النادل فقال له الزبون بهدوء: كوب قهوة من على الحائط فقط،،!!!

@ فذهب النادل ومن ثم عاد بكوب قهوة ووضعه على طاولة الزبون،، ومن ثم اتجه صوب الحائط وانتزع إحدى الأوراق الملصقة عليه،،!!

@ أعتقد أن الفكرة قد وصلت ويالدماثة خلق صاحبها،،!! إنها التكافل الإجتماعي يا سادة وبطريقة جداً مهذبة ومحترمة ومكتظة بالذوق،، طريقة تضمن لمن ليس لديه ثمن كوب قهوة من الفقراء أن يطلبها دون حرجٍ وبهدوء لا يخدش كبرياءه ولا يبعثر كرامته،،!! وفي الوقت ذاته تعطي للمقتدر فرصة التصدق بثمن كوب قهوة دون التأثر ببؤس نظرات الفقير والمحتاج،،!!

@ كم من حائط في مطاعمنا ومقاهينا ومقاصف مدارسنا في حاجة لتفعيل هذه الفكرة الرائعة ذات الجوهر الإسلامي العتيق والحلة الأوربية المعاصرة،،؟؟

@ وصلتني حكايتها عبر مسجات البلاك بيري فأعدت صياغتها لأقدمها لكم مقالاً علَّ فكرته تجد من يتبناها فيجزيه المولى ويجزيني حسن الثواب،،

@ قصصتها على كل من أعرف فقابلتني نظرات مجتمع طامح للخير وساعٍ لتطبيقه،، واستوقفني رد أحد الظرفاء من أصحاب المطاعم حين قال لي: أنا مستعد لتطبيقها،، إلا أني أخشى أن أُصبح ذات يوم على مطعمي وقد أضحى بلا حائط،،!!

@ ضحكنا حتى سالت أدمعنا،، وقلت له بعد أن استجمعت قوايَ للكلام: إنها ثقافة مجتمع يا صاحبي نحتاج لتعميمها بعضاً من الوقت وقليلاً من الحوائط،،!!

صحيفة النادي،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق