الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

يوميات تمرين حواري..!

إياد فؤاد عبدالحي - يوميات تمرين حواري..!


@ كنت قد اجتمعت بلاعبي فريق كرة قدم (حواري) تراوحت أعمارهم بين الأربعة عشر والعشرين عاماً..! حضرت مرانهم عصراً واجتمعت بهم بعد التمرين لمدة لم تتجاوز العشر دقائق..! فابتدرتهم بسؤال جعلته مدخلاً لحديثي معهم كان نصه: (لماذا تلعب الكرة..؟)..!

@ تباينت الإجابة في النظرات واختلفت أثناء التفكير فتباعدت المسافات بين لاعب وآخر للدرجة التي كان البعض يلعب فيها لمجرد التسلية وملء وقت فارغ، والبعض كان يلعب وعينه على عقد احتراف يوقعه بعيداً.. هناك في أوروبا..!

@ أوروبا مرة وحدة..! نعم..! ولم لا..؟ ما أصعب الإجابة على سؤال كهذا يطرحه (حلم) صبي حين يصطدم بواقع (محلي) لا تملك معه إلا أن تبتسم وتتمتم بينك وبين نفسك بعبارة (ربما) الغارقة في الإحباط..!

@ فواقعنا المحلي وبكثير من الأسف غير جدير بأن نعلّق على معطياته أملاً أو بعضاً منه..! وكي أدلل على المقال بمثال سآخذ القارئ معي في جولة على حضَّانات كرة القدم في بلادي وأقصد (فرق الحواري)..!

@ سنجد ملاعب ترابية غير صالحة للاستخدام الآدمي تبدأ بتشويه خطوة اللاعب ومذ نعومة قدميه على أرضية يصعب المشي عليها أصلاً..! فما بالك بالهرولة بالكرة أو تمريرها بطبيعة الحال..!

@ سنتفاجأ بعشوائية التنظيم رغم كل تلك الجهود المبذولة لتجميل مظهر التمرين..! ولك أن تتخيل سيدي القارئ يوميات تمرين حواري من ألفه إلى يائه بوصف تفصيلي مني..

@ يبدأ التجمع بعد صلاة العصر دوماً وكم يحبطني مشهد ذاك اللاعب الذي لم ينفض غبار النوم عنه..! فتجده ما زال بين تثاؤب وتمطع..! وكيف لا..؟ وقد أتى من فراشه للملعب بعد أن نام بعد الفجر بساعة وربما ساعات..!!! وذاك لاعب آخر يأتيك والسيجارة في يده وعلبة البايسون في اليد الأخرى..! وذاك قد جاء وفي يده منكاش يداعب به بقايا وجبة الغداء التي لم تستقر بعد في معدته..! ولاعب آخر أو لنقل بقايا لاعب قد تخطى عمره الحد القانوني للتحكيم لا لمزاولة كرة القدم ومع ذلك ما زال يعاند الزمن ويتبجح على الواقع بوجوده..! وآخر لا يمت لكرة القدم بصلة ولكنه أراد قضاء عصرية تحت أشعة الشمس الملتهبة..!

@ كل هذا الكم من المشاهد المحبطة يتكرر يومياً لغياب التوجيه وندرة وجود القدوة مما يسبب اضمحلالاً في الوعي يأخذ اللاعب الناشء بعيداً عن الدرب الصواب إلى حيث انحراف السلوك الرياضي..!

@ على كل.. بعد التجمع يبدأ اللاعبون باللف حول الميدان الترابي وسط هالة من الغبار..! ومن ثم تبدأ تمارين الإطالة والإحماء المكررة حد الملل والمكتظة بالأخطاء وعدم الجدية والجودة في الأداء..! ثم تأتي التقسيمة وتنطلق الصافرة ويبدأ اللعب أو (الجري) خلف الكرة بوصف أدق مع تغييب للتكتيك وغياب للتوجيه..! إلى أن يؤذن لصلاة المغرب فينتهي التمرين ويكون الموعد في اليوم التالي ليعود الكتـَّان زي ما كان..!

@ فريق الحارة يا سادة النواة الأم لكينونة اللاعب ينتظر من الكل دوراً في دعمه..! بداية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب مروراً بمراكز الأحياء وصولاً لأهل الحي أنفسهم..!

@ على كل.. لن أعمم المشهد القاتم الذي قدمتـُه على كل فرق الحواري وإنما أستطيع وصفه بعبارة (الغالبية الأم)..! إلا أني أرى أنه من الإنصاف أن ألفت النظر لمشاهد أخرى جدُّ مضيئة وباعثة للأمل عايشتها عن قرب في مكتي الحبيبة تحديداً..! فهذا فريق (الهجرة) مثال مضيء لعمل تطوعي هادف قام عليه نخبة من أبناء الحي فقدموا من خلاله نموذج رائع يستحق منا وقفة تأمل تبعث فينا أملاً في لاعب قد يوقع يوماً عقداً في الخارج بعد أن قدم الفريق ذاته العشرات لأندية الداخل..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق